تواصل معنا

علم الأعصاب التعليمي ودوره في تحسين النتائج التعليمية

 ما الذي يؤثر في الآخر؟ هل يؤثر دماغك وبنيته المميزة لك في نوعية تعليمك أم أن تعليمك هو الذي يؤثر في دماغك ويغير من بنيته؟ هذا ما يجيب عنه علم الأعصاب التعليمي الذي يصل النقاط المتفرقة بين طب المخ والأعصاب البشري وبين علم النفس وبين نظريات علم التربية بهدف التوصل لتفسيرات توضح كيفية حدوث التعليم أو التوصل لمعالجة معوقات التعليم، فمثلًا عندما تجد صعوبة في نطق صوت معين أثناء تعلم لغة ما، قد تكون المشكلة ليست في عضو النطق لديك ولكن قد يكون السبب زيادة نشاط في مناطق النشاط البصري في المخ. مثالٌ آخر، عندما يبلغ الأطفال سن الخامسة مع بدايات الأنشطة التعليمية فإن أدمغتهم تستهلك 50% تقريبًا من السعرات الحرارية التي تستهلكها أجسادهم وخاصة الأطفال في مؤسسات رياض الأطفال ورعاية الطفولة المبكرة. نستعرض في هذا المقال معلومات بسيطة عن تأثير التعليم على بنية دماغك وكذلك تأثر أدائك التعليمي بتركيبة دماغك.

ما علم الأعصاب التعليمي؟
علم الأعصاب التعليمي هو علم ناشئ يجمع بين الأبحاث الأساسية في مجال علوم الأعصاب وعلم النفس التربوي ونظريات علم التربية، ويحاول استكشاف العلاقة بين طرق التعليم المختلفة وتأثيرها على المناطق المخصصة للتعلم داخل الدماغ، وذلك لمحاولة تطوير طرائق التعلم وتحقيق فاعلية أكثر في استيعاب المعلومة ودراسة ومراقبة ذلك من خلال أبحاث وتجارب علم الأعصاب وذلك وفقا لما نشر في الورقة البحثية المنشورة فى المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية.

تأثير علم الأعصاب على التعليم
لماذا نهتم بعلم الأعصاب التعليمي؟ إن معرفة الآلية التي تعمل بها أدمغتنا يساعد على تحسين النتائج التعليمية، أيضًا، يساعد هذا العلم كذلك في التشخيص الصحيح للمشكلة والسبب وراء حدوثها، والأمثلة على ذلك كثيرة ونعرض لكم منها ما يلي:

مشكلة عسر القراءة عند الأطفال
يوفر التصوير العصبي الوظيفي عبر تسجيل نشاط الدماغ أثناء أداء مهمة ما، فرصة فريدة لفهم وتصور الدوائر العصبية التي يتم تشكيلها خلال فترة القراءة وإتقانها. على الرغم من الشرح التقليدي والذكاء الكافي والفرص الاجتماعية والثقافية المتوفرة للطفل، يفشل عدد قليل من الأطفال في تحقيق مهارات القراءة المناسبة لأعمارهم. يُعرَّف هذا على أنه عسر القراءة النمائي ويحدث بسبب اضطراب هيكلي أو وظيفي لشبكة القراءة في الدماغ. إذا تم اكتشافه مبكرًا يمكن تزويد الأطفال المصابين بعُسر القراءة بتعليمات شخصية منهجية يمكن أن تساعدهم على التعامل مع القراءة شريطة اكتشاف هذه الاضطرابات في وقت مبكر.

تعديل مواعيد الدروس لتحسين التعليم
قامت الكثير من المدارس بتغيير برنامجها اليومي للدراسة من أجل مصلحة الطلاب وتقدم مستواهم، بعد أن أوصت منظمة مركز مكافحة الأمراض CDC بتأخير بدء اليوم الدراسي لمدة نصف ساعة بناءً على دراسة أثبتت أن نوم 30 دقيقة زيادة للطلاب يمكن أن يحسن انتباههم أثناء اليوم الدراسي بشكل أفضل.

التعلم على فترات متباعدة لاستيعاب أفضل
توصل علم الأعصاب التعليمي إلى أمر آخر هناك تغيير آخر يجب مراعاته، وهو أن يكون التعليم على فترات طويلة ومتباعدة، فعلى سبيل المثال، بدلا من شرح درس دسم حافل بالمعلومات في مرة واحدة يصمم ويدرس على أكثر من مرة وعلى فترات متباعدة مع التذكير بالدروس السابقة فتلك الطريقة تعمل على خلق نواقل عصبية جديدة تساعد على التعلم بشكل أفضل

فهم أفضل لتنمية الطفولة
أشار باترو (Batro) في عام 2011 إلى أن علم الأعصاب التعليمي قد وصل إلى مرحلة يمكننا فيها مراقبة مسار نمو دماغ الطفل بموضوعية وتوثيق كيفية تشكيل هذا المسار من خلال الأبوة والتعليم والتأثيرات البيئية الأخرى، ويفيد ذلك في تحسين فهم المعلمين لعقليات الأطفال في سنوات الطفولة المبكرة وفهم ما يدفعهم ويرشدهم لكيفية التغلب على العيوب المبكرة بصورةٍ أفضل لأنه وحسب ما يؤكد مركز تنمية الطفل أن العديد من المعلمين لديهم مفاهيم خاطئة حول تعليم الطفولة المبكرة وبذلك يمكن باستثمار المعلومات التي يوفرها علم الأعصاب سد تلك الفجوة في الفهم.

علم الأعصاب التعليمي هو علم ناشئ يهتم بالجمع بين علم الأعصاب والنظريات المختلفة للتعليم والتعلم، وعلم النفس للوصول إلى أساليب جديدة تزيد من قدرة الطلاب على استيعاب المعلومات، وقد وجد هذا العلم ترحيبًا من بعض علماء التربية بينما لاقى رفضًا من البعض الآخر لكن في كل الأحوال ساعد هذا العلم في تفسير مشكلات تعليمية كنا نظن أن الخلل فيها معرفيًا بينما اتضح للجميع بعد ذلك أن السبب في هذه المشكلات كان فسيولوجيا مرتبطًا ببنية الدماغ.