تواصل معنا

هل تمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين؟

تعليم مهارات القرن الحادي والعشرين" عبارة تنتشر بين أروقة المؤسسات التعليمية، تذكرها المعايير الفنية لمناهجها وترددها ألسنة المسوقين لهذه المؤسسات (مدارس – جامعات – دورات تدريبية)، وحسب تعبير كريس ديديه (Chris Dede) فلقد أصبح هذا المصطلح مظلة لكل المعارف وكل العلوم مما أفقده خصوصيته. فما المقصود بتلك المهارات؟ وما أوجه اختلافها عن مهارات القرن العشرين؟ وهل يستحق الأمر انشغال النظام التعليمي بهذه المهارات إلى هذا الحد؟
 

المقصود بمهارات القرن 21


أشار عالما الاقتصاد فرانك ليفي وريتشارد مورنين عام 2004 (Frank Levy and Richard Murnane) إلى ضرورة التفرقة بين المعرفة والمهارات في القرن الحادي والعشرين وقد أطلقا على المهارات لقب ما وراء المعرفة، ذلك لأن أغلب الوظائف الحالية تتألف من أعمال معرفية روتينية يسهل برمجة الحاسوب لأدائها والتعامل معها، بينما ينقص سوق العمل الوظائف التي تتطلب تفكير الخبراء في المواقف المعقدة أو غير النمطية أي ما لا تستطيع أجهزة الحواسيب الاضطلاع بها. على سبيل المثال المعلم الماهر هو خبير في المواقف المعقدة، لأنه إلى جانب امتلاك المعرفة قادر على ارتجال الإجابات وتيسير النقاش في وسط فوضوي يصعب التنبؤ بمجرياته، بينما الحاسوب لا يمكن برمجته لأداء هذه الوظيفة. من هنا نجد أن مهارات القرن الحادي والعشرين تميز الإنسان وأعماله عن الآلات التي تشاركه سوق العمل.
 

عدد مهارات القرن 21


أثار هذا الافتراض شهية الجامعات والمعاهد البحثية وخبراء التعليم فبحثوا واجتهدوا وجاهدوا في سبيل تحديد هذه المهارات، وقد نتجت عن هذه المساعي تصنيفات كثيرة لمهارات القرن الحادي والعشرين منها:
ü أول وأهم تصنيف كان نتيجة بحث أجرته منظمة (P21) وهو التصنيف الأشهر، وقد حدد أربع مهارات تبدأ كلها بحرف (C) في اللغة الإنجليزية فرمز لها ب (4Cs) هي: التفكير الناقد، الإبداع، التواصل، التعاون.

ü وعين التصنيف الثاني الذي وضعه تريلينج (Trilling) سبع مهارات تبدأ بحرف (C) كذلك فرمز لها ب (7Cs) هي: التفكير الناقد وحل المشكلات، الإبداع والابتكار، مبادئ الاتصالات والمعلومات والإعلام، التعاون والعمل الجماعي والقيادة، التفاهم وتبادل الثقافات، مبادئ الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، التعلم والتطور المهني الذاتي.

ü أما التصنيف الثالث فقد أصدرته منظمة أوراكل للتعليم واعتمد التصنيف الثاني مضيفًا له ثلاث مهارات هي جوهر المعرفة القديمة والحديثة، تتشترك المهارات الثلاث في حرف (R) وهي القراءة والكتابة وعلم الحساب، بذلك تكون مهارات القرن الحادي والعشرين لدى منظمة أوراكل هي (7Cs + 3Rs).

ولقد زادت المحاولات البحثية في توسيع دائرة المهارات حتى أحدثت فوضى في المصطلح وغيبت حدوده أمام المستكشفين له ويمكنكم زيارة صفحة مهارات القرن الحادي والعشرين على صفحة ويكيبيديا من خلال هذا الرابط لتجد في دراسات بعض الجامعات والمعاهد مهارات قد يندهش لها البعض مثل "اللعب، الغذاء الصحي، التفاؤل والود، ...".
 

هل هذه المهارات حديثة حقا؟
هنا يأتي سؤال: التفكير الناقد، والإبداع، التواصل والتعاون هل هي مهارات جديدة حتى تشتد الدعوة إليها اليوم؟ نقول إن هذه المهارات تُقدّر دائمًا كميزة في أماكن العمل عبر القرون، ولكن درجة الأهمية لها آخذة في الازدياد في عصر الاقتصادات القائمة على المعرفة، فعلى سبيل المثال تتحقق مهارة التعاون في القرن الجديد من خلال مجموعة مبادئ أكثر تطورًا، فبالإضافة إلى التعاون وجهاً لوجه مع الفريق أو الزملاء في غرف المؤتمرات يتعاون الأشخاص في القرن الحادي والعشرين بشكل متزايد من خلال التفاعلات واللقاءات الافتراضية مع أقرانهم في جميع أنحاء العالم والذين قد لا يجتمعون معهم وجهاً لوجه قط. وفي التعليم التقليدي يكتسب المتعلم مهارات لحل مشكلات روتينية، بينما في تعليم القرن الحادي والعشرين يكتسب مهارات استخلاص بيانات من تجارب في بيئات معقدة لتطوير المهارات في حل المشكلات المعقدة كذلك. وكذلك ارتقت مهارات الاتصال في القرن الجديد إلى القدرة على الانخراط في تفاعلات منظمة غنية توضح وجهات نظر غير مألوفة للجمهور. ونتيجة لذلك يتفرع من المهارة الواحدة في التعليم التقليدي مهارات فرعية في النمط التعليمي الجديد، يضع فيزيونيه (Facione, Peter) لمهارة التفكير الناقد ستة مبادئ ومهارات معرفية هي: (1) التفسير، (2) التحليل، (3) التقييم، (4) الاستدلال، (5) التفسير و (6) التنظيم الذاتي.

عزيزي القارئ، بذلك نجد أننا جميعًا نمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، ولكن هل نمتلك هذه المهارات في نسختها المُحَدَّثِة؟.